فصل: من لطائف وفوائد المفسرين:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



.فوائد لغوية وإعرابية:

.قال السمين:

قوله: {واعملوا صَالِحًا}: يجوزُ أَنْ يكونَ {صالحًا} نعتًا لمصدرٍ محذوف ِأي: واعملوا عَمَلًا صالحًا من غير نظرٍ إلى ما يَعْملونه كقولهم: تُعْطي وتمْنع. ويجوز أن يكونَ مفعولًا به وهو واقعٌ على نفسِ المعمولِ.
قوله: {وَإِنَّ هذه أُمَّتُكُمْ}: قرأ ابن عامر وحده {وأنْ} هذه بفتحِ الهمزةِ وتخفيفِ النون. والكوفيون بكسرها والتثقيل، والباقون بفتحها والتثقيل. فأمَّا قراءةُ ابنِ عامرٍ فهي المخففةُ من الثقيلة. وسيأتي توجيِهُ الفتح في الثقيلة فيتضحُ معنى قراءتِه. وأمَّا قراءةُ الكوفيين فعلى الاستئنافِ.
وأمَّا قراءة الباقين ففيها ثلاثةُ أوجهٍ: أحدها: أنها على حذف اللام أي: ولأَِنَّ هذه، فلمَّا حُذِف الحرفُ جرى الخلافُ المشهورُ. وهذه اللامُ تتعلَّقُ ب {اتَّقون}. والكلامُ في الفاءِ كالكلامِ في قوله: {وَإِيَّايَ فارهبون} [البقرة: 40]. والثاني: أنها منسوقَةٌ على {بما تَعْملون} أي: إنيِّ عليمٌ بما تَعْملون وبأنَّ هذه. فهذه داخلةٌ في حَيِّز المعلومِ. والثالث: أنَّ في الكلام حَذْفًا تقديره: واعلموا أنَّ هذه أمَّتُكم.
{فَتَقَطَّعُوا أَمْرَهُمْ بَيْنَهُمْ زُبُرًا كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ (53)}.
وقد تقدَّم {فتقطعوا أَمْرَهُمْ بَيْنَهُمْ زُبُرًا} وما قيل فيهما، وما قرئ به فأغنى عن إعادِته.
{فَذَرْهُمْ فِي غَمْرَتِهِمْ حَتَّى حِينٍ (54)}.
قولهم: {فِي غَمْرَتِهِمْ} مفعولٌ ثانٍ ل {ذَرْهم} أي: اتْرُكهم مُسْتَقِرِّين في غَمْرَتهم. ويجوز أّنْ يكونَ ظرفًا للتَّرْكِ. والمفعول الثاني محذوفٌ. والغَمْرَةُ في الأصلِ: الماءُ الذي يَغْمُرُ القامةِ، والغَمْرُ: الماءُ الذي يَغْمُر الأرض، ثم استُعير ذلك للجَهالةِ، فقيل: فلانٌ في غَمْرَة، والمادة تدلُ على الغِطاء والاستتارِ، ومِنه الغُمْرُ بالضم لمَنْ لم يُجَرِّبِ الأمورَ، وغُِمارُ الناسِ وخُمَارُهم: زِحامهم. والغِمْر بالكسر الحقد؛ لأنه يُغَطي القلب. والغَمَرات: الشدائدُ. والغامِرُ: الذي يُلْقي نفسَه في المهالِك. وقال الزمخشري: والغَمْرَةُ: الماءُ الذي يَغْمُر القامةَ، فضُرِبَتْ لهم مَثَلًا لِما هم مَغْمورون فيه مِنْ جَهْلهم وعَمايتهم. أو شُبِّهوا باللاعبين في غَمْرَةِ الماءِ؛ لِما هم عليه من الباطلِ كقوله:
....................... ** كأنني ضاربٌ في غَمْرَةٍ لَعِبُ

وقرأ أميرُ المؤمنين وأبو حيوة وأبو عبد الرحمن {غَمَراتهم} بالجمع؛ لأنَّ لكلٍّ منهم غَمْرَةً تَخُصُّه. وقراءةُ العامَّةِ لا تأبى هذا المعنى فإنه اسمُ جنسٍ مضافٌ.
{أَيَحْسَبُونَ أَنَّمَا نُمِدُّهُمْ بِهِ مِنْ مَالٍ وَبَنِينَ (55) نُسَارِعُ لَهُمْ فِي الْخَيْرَاتِ بَلْ لَا يَشْعُرُونَ (56)}.
قوله: {أَنَّمَا نُمِدُّهُمْ}: في ما هذه ثلاثةُ أوجهٍ، أحدُها: أنَّها بمعنى الذي وهي اسمُ أن و{نُمِدُّهم} صلتُها وعائدُها. {ومن مال} حالٌ من الموصولِ، أو بيانٌ له، فيتعلَّقُ بمحذوفٍ. و{نُسارعُ} خبرُ أن والعائدُ من هذه الجملةِ إلى اسم أن محذوفٌ تقديرُه: نُسارِعُ لهم به، أو فيه، إلاَّ أنَّ حَذْفَ مثلِه قليلٌ. وقيل: الرابطُ بين هذه الجملةِ باسم أن هو الظاهرُ الذي قامَ مقامَ الضميرِ مِنْ قوله: {في الخيرات}، إذ الأصل: نُسارِعُ لهم فيه، فأوقع {الخيرات} موقعَه تعظيمًا وتنبيهًا على كونِه من الخيرات. وهذا يتمشى على مذهبِ الأخفشِ؛ إذ يَرَى الرَّبْطَ بالأسماءِ الظاهرةِ، وإن. لم يكنْ بلفظِ الأولِ، فيُجيز زيد الذي قام أبو عبد الله إذا كان أبو عبد الله كنيةَ زيد. وتقدَّمَتْ منه أمثلةُ. قال أبو البقاء: ولا يجوزُ أَنْ يكونَ الخبرُ {مِنْ مالٍ} لأنه كان {مِنْ مال}، فلا يُعاب عليهم ذلك، وإنما يعابُ عليهم اعتقادُهم أنَّ تلك الأموالَ خيرٌ لهم.
الثاني: أن تكونَ ما مصدريةً فينسَبِكُ منه ومِمَّا بعدَها مصدرٌ هو اسم أن و{نُسارع} هو الخبرُ. وعلى هذا فلابد مِنْ حَذْفِ أن المصدريةِ قبل {نُسارع} ليصِحَّ الإِخبارُ، تقديرُه: أَنْ نسارعَ. فلمَّا حُذِفَتْ أن ارتفعَ المضارعُ بعدَها. والتقديرُ: أَيَحْسَبون أنَّ إِمْدادَنا لهم من كذا مسارعةٌ منَّا لهم في الخيرات. والثالث: أنها مُهَيِّئَة كافَّةٌ. وبه قال الكسائي في هذه الآية وحينئذٍ يُوقف على {وَبَنِين} لأنه قد حَصَل بعد فِعْلِ الحُسْبانِ نسبةٌ مِنْ مسندٍ ومسندٍ إليه نحو: حَسِبْتُ أنَّما ينطلق عمروٌ، وأنما تقومُ أنت.
وقرأ يحيى بنُ وَثَّاب {إنما} بكسرِ الهمزة على الاستئنافِ، ويكونُ حَذْفُ مفعولَي الحُسْبان اقتصارًا أو اختصارًا. وابنُ كثيرٍ في روايةٍ {يُمِدُّهم} بالياءِ، وهو اللهُ تعالى. وقياسُه أَنْ يقرأ يُسارع بالياء أيضًا. وقرأ السلمي وابن أبي بكرةَ {يُسارع} بالياءِ وكسرِ الراء. وفي فاعِله وجهان، أحدُهما: الباري تعالى الثاني: ضميرُ ما الموصولة إنْ جَعَلْناها بمعنى الذي، أو على المصدرِ إنْ جَعَلْناها مصدريةً. وحينئذٍ يكون {يسارِعُ لهم} الخبرَ. فعلى الأولِ يُحتاجُ إلى تقديرِ عائدٍ أي: يُسارع اللهُ لهم به أو فيه. وعلى الثاني لا يُحْتاج إذ الفاعلُ ضميرُ ما الموصولةِ.
وعن أبي بكرة المتقدمِ أيضًا {يُسارَع} بالياء مبنيًا للمفعول و{في الخيرات} هو القائمُ مَقامَ الفاعل. والجملةُ خبرُ أن والعائدُ محذوفٌ على ما تقدَّم وقرأ الحسن {نُسْرع} بالنون مِنْ أَسْرَعَ وهي ك {نُسارع} فيما تقدَّم.
و{بَل لاَّ يَشْعُرُونَ} إضرابٌ عن الحُسْبانِ المُسْتفهمِ عنه استفهامَ تقْريعٍ، وهو إضرابُ انتقالٍ. اهـ.

.قال مجد الدين الفيروزابادي:

بصيرة في الخير:
وهو ضدّ الشرّ.
وهو ما يرغب فيه الكلّ كالعقل مثلا والعدل والفضل والشيء النَّافع.
وقيل: الخير ضربان.
خير مطلق وهو ما يكون مرغوبًا فيه بكلّ حال وعند كلِّ أَحدكما وصف صلى الله عليه وسلم به الجنَّة فقال: «لا خير بخير بعده النَّار، ولا شرّ بشرّ بعده الجنَّة».
وخير وشرّ مقيَّدان وهو أَنَّ خير الواحد شرّ الآخر كالمال الَّذى ربّما كان خيرا لزيدٍ وشرًا لعمرو.
ولذلك وصفه الله تعالى بالأَمرين فقال في موضع {إِن تَرَكَ خَيْرًا} وقال في موضع آخر {أَيَحْسَبُونَ أَنَّمَا نُمِدُّهُمْ بِهِ مِن مَّالٍ وَبَنِينَ نُسَارِعُ لَهُمْ فِي الْخَيْرَاتِ} فقوله: {إِنْ تَركَ خَيْرًا} أَى مالًا.
وقال بعض العلماء: لا يقال للمال خير حتى يكون كثيرًا ومن كان طيب، كما رُوِى أَنَّ عليًّا رضي الله عنه دخل على مولًى له فقال: أَلا أُوصى يا أَمير المؤمنين؟ قال: لا، لأَنَّ الله تعالى قال: {إِن ترك خيرًا} وليس لك مال كثير.
وعلى هذا أَيضًا قوله: {وَإِنَّهُ لِحُبِّ الْخَيْرِ لَشَدِيدٌ}.
وقال بعض العلماء: إِنما سمّى المال هاهنا خيرًا تنبيهًا على معنى لطيف، وهو أَنَّ المال الذى يحسن الوصيَّة به ما كان مجموعًا من وجه محمودٍ.
وعلى ذلك قوله: {وَمَا تُنفِقُواْ مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ} وقوله: {فَكَاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْرًا} قيل: عنى به مالًا من جهتهم، وقيل: إِن علمتم أَن عتقهم يعود عليكم وعليهم بنفع أَى ثواب.
وقوله تعالى: {أَحْبَبْتُ حُبَّ الْخَيْرِ عَن ذِكْرِ رَبِّي} أَى آثرت حبّ الخير عن ذكر ربِّى.
والعرب تسمِّى الخيل الخير لما فيها من الخير.
وقوله تعالى: {لاَّ يَسْأَمُ الإِنْسَانُ مِن دُعَاءِ الْخَيْرِ} أَى لا يَفْتُر من طلب المال وما يُصلح دنياه.
وقوله تعالى: {نَأْتِ بِخَيْرٍ مِّنْهَا أَوْ مِثْلِهَا} أَى بخير لكم فإِن يكن تخفيفا كان خيرًا في الدّنيا والآخرة.
وإِن يكن تشديدًا كان خيرًا في الآخرة لأَنَّهم أَطاعوا الله- تعالى- ذِكرُه- فيه.
وقال ابن عرفة في قوله تعالى: {أَن يُبْدِلَهُ أَزْوَاجًا خَيْرًا مِّنكُنَّ} لم يكن على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم خير من نسائه، ولكن إِذا عصينه فطلَّقهن على المعصية فمن سواهنَّ خير منهنّ.
وقال الرَّاغب: الخير والشَّرّ يقالان على وجهين:
أَحدهما: أَن يكونا اسمين كما تقدّم.
والثَّانى: أَن يكونا وصفين وتقديرهما تقدير أَفعل، نحو هو خير من ذلك وأَفضل.
وقوله: {وَأَن تَصُومُواْ خَيْرٌ لَّكُمْ} يصحّ أَن يكون اسمًا وأَن يكون صفة.
وقوله: {وَتَزَوَّدُواْ فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى} تقديره تقديرُ أَفعل منه.
والخير يقابَل به الشرّ مرّة والضر مرّة، نحو: {وَإِن يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلاَ كَاشِفَ لَهُ إِلاَّ هُوَ وَإِن يَمْسَسْكَ بِخَيْرٍ}.
وقوله: {فِيهِنَّ خَيْرَاتٌ حِسَانٌ} قرأ الحسن البصرى وأَبو عثمان النَهْدِى والخليل بن أَحمد وطاووس وبكر بن حبيب {فيهنّ خيِّرات} بتشديد الياءِ، والتشديد هو الأَصل. وامرأَة خيّرة وخَيْرة بمعنى. وكذلك رجلٌ خيّر وخَيْر كميّت وميْت.
وقوله تعالى: {وَأُوْلَائِكَ لَهُمُ الْخَيْرَاتُ} جمع خَيْرة وهى الفاضلة من كل شيء.
وقال الأَخفش: وقيل لَمَّا وُصِفَ به، وقيل: فلان خير أَشبه الصّفات، فأدخلوا فيه الهاء للمؤنَّث ولم يريدوا أَفعل.
وأَنشد أَبو عُبَيْدة:
ولقد طعنتُ مجامع الرَبَلاتِ ** رَبَلات هند خيرةِ الملِكات

فإِن أَردت معنى التفضيل قلت: فلانة خير النَّاس ولم تقل خيرة الناس وفلان خير النَّاس ولم تقل: أَخْير، لا يثنَّى ولا يجمع لأَنَّه في معنى أَفعل.
وقال شمر: يقال ما أَخيره وخَيْره وأَشرّه وشَرّه وهذا أَخير منه وأَشرّ منه.
وقال ابن بُزُرْج قالوا: هم الأَخيرون والأَشرّون من الخَيَارة والشَّرَارَة بإِثبات الأَلف.
وتقول في الخير والشرّ هو خير منك وشرّ منك وخُبير منك وشُرَير منك.
واستخار اللهَ العبدُ فخار له أَى طلب منه الخير فأَولاه.
وخايرته في كذا فخِرْتُه: غلبته.
والخِيرة الحالة التى تحصل للمستخير والمختار.
والاختيار: طلب ما هو خير فعله.
وقد يقال لما يراه الإِنسان خيرًا وإِن لم يكن خيرًا.
وقوله تعالى: {وَلَقَدِ اخْتَرْنَاهُمْ عَلَى عِلْمٍ} يصحّ أَن يكون إِشارة إِلى إِيجاده تعالى إِياهم خيرًا، وأَن يكون إِشارة إِلى تقديمهم على غيرهم.
والمختار قد يقال للفاعل والمفعول.
والخُوَار مختصّ بالبقر وقد يستعار للبعير.
والخوض: الشروع في الماءِ والمرور فيه. ويستعار في الأُمور.
وأَكثر ما ورد في القرآن ورد فيما يُذمّ الشروع فيه.
والخَيْط معروف وقوله تعالى: {حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ} أَى بياض النَّهار من سواد اللَّيل. اهـ.

.من لطائف وفوائد المفسرين:

.من لطائف القشيري في الآية:

قال عليه الرحمة:
{يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ (51)}.
كلوا من الطيبات مما أَحلَ لكم وأباح، وما هو محكوم بأنَّه طيب، على شريطة مطابقة رُخصَهِ الشريعة- مما كان حلالًا في وقتهم، مطلقًا مأذونًا لهم فيه. وكذلك أعمالهم الصالحة ما كان موافقة لأمر الله في زمانهم بفنون طاعاتهم في أفعالهم وعقائدهم وأحوالهم.
{وَإِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاتَّقُونِ (52)}.
معبودكم واحدٌ ونبيُّكم واحد، وشرعكم واحد؛ فأنتم في الأصول شرعٌ سواءٌ، فلا تسلكوا ثِنْيَاتِ الطرق فتطيحوا في أودية الضلالة. وعليكم باتباع سَلَفِكم، واحذروا موافقة ابتداع خَلَفكم.
{وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاتَّقُونِ} خافوا مخافة أمري، وأعرفوا عظيمَ قَدْرِي، واحفظوا في جريان التقدير سِرِّي، واستديموا بقلوبكم ذكري، تجدوا في مآلكم غفري، وتَحْظَوْا بجميلِ بِرِّي.
{فَتَقَطَّعُوا أَمْرَهُمْ بَيْنَهُمْ زُبُرًا كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ (53)}.
فمستقيم على حَقِّه، وتائه في غَيِّه، ومُصِرُّ على عصيانه وفِسْقِه، ومقيمٌ على إحسانه وصِدْقه، كُلٌّ مربوطٌ بحدِّه، موقوفٌ بما قُسِمَ له في البداية من شأنه كلٌّ ينتحل طريقَته ويَدَّعى بحسن طريقته حقيقةً، وعد صحوِ سماءِ قلوبِ أربابِ التوحيد لا غُبارَ في الطريق؛ وهم على يقين معارفهم؛ فلا رَيْبَ يتخالجهم ولا شُبْهة. وأهل الباطل في عَمَى جَهْلِهم، وغبارِ جُحْدِهم، وظلمة تقليدهم، ومحنة شكهم.
{فَذَرْهُمْ فِي غَمْرَتِهِمْ حَتَّى حِينٍ (54)}.
إنَّ مدةَ أَخْذِهم لقريبةٌ، والعقوبة عليهم- إذا أُخِذُوا- لشديدة، ولسوف يتبين لهم خطؤهم من صوابهم.
{أَيَحْسَبُونَ أَنَّمَا نُمِدُّهُمْ بِهِ مِنْ مَالٍ وَبَنِينَ (55) نُسَارِعُ لَهُمْ فِي الْخَيْرَاتِ بَلْ لَا يَشْعُرُونَ (56)}.
هذا في شأن أصحاب الاستدراج من مَكْرِ الحقِّ بهم بتلبيس المنهاج؛ رَأَوا سَرَابًا فَظَنْوه شرابًا، ودَس لهم في شهْدِهم صابًا فتوهموه عِذَابًا، وحين لقوا عَذَابًا عَلِموا أنهم لم يفعلوا صوابًا. اهـ.